
بين يدي رمضان (1)
مارس 23, 2022
فوائد من مدارج السالكين (2)
مارس 27, 2022تفاوت الناس في الاستعداد لرمضان
الشيخ د. محمد إسماعيل المقدم
لقد بيَّن الصادق المصدوق ﷺ اختلاف سعى الناس في الاستعداد لرمضان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “بمحلوف رسول الله ﷺ ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان، وذلك لما يُعِدُّ المؤمنون فيه من القوة للعبادة، وما يُعد فيه المنافقون من غَفلات الناس وعوراتهم، هو غَنْمٌ للمؤمن يغتنمه الفاجر”. [أخرجه الإمام أحمد، ونسبه ابن حجر في “التعجيل” إلى صحيح ابن خزيمة، وصححه العلامة أحمد شاكر رقم8350].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه من طريق آخر مرفوعاً: “أظلَّكم” أي أشرف عليكم، وقرب منكم – ” شهركم هذا بمحلوف رسول الله ﷺ، ما مَرَّ بالمؤمنين شهر خير لهم منه، ولا بالمنافقين شهر شر لهم منه، إن الله عز وجل ليكتب أجره ونوافله من قبل أن يُدخِله، ويكتب إصره – أي إثمه وعقوبته – (وشقاؤه من قبل أن يدخله) لأنه يعلم ما كان وما يكون (وذلك أن المؤمن يُعِدُّ فيه القوة للعبادة من النفقة، ويعد المنافق اتباع غفلة الناس واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمن، يغتنمه المنافق) [رواه الإمام أحمد والبيهقي والطبراني في الأوسط، وابن خزيمة في صحيحه، وسكت عنه المنذري، وأورده الهيثمي، وقال: رواه أحمد والطبراني في الأوسط، عن تميم مولى ابن رمانة و ولم أجد من ترجمه]اهـ.
ماذا يحدث في أول ليلة من رمضان؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ:” إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغُلِّقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة ” [رواه الترمذي وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي].
إن خير الهدي هدي محمد ﷺ، ومن هديه ﷺ في هذا الموضع المبادرة إلى تذكير الناس ببركات هذا الموسم العظيم، فقد قال ﷺ لأصحابه في أول ليلة من رمضان: ” أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمَ ” [رواه النسائي والبيهقي، وحسنه الألباني].
كيف يستقبل باغي الخير رمضان؟
أولاً: بالمبادرة إلى التوبة الصادقة، المستوفية لشروطها، وكثرة الاستغفار، لأنه شُرِعَ في استفتاح بعض الأعمال، كما في خطبة الحاجة (نحمده، ونستعينه، ونستغفره) كما نُدب إليه مطلقاً، وقال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم:8].
ثانياً: بتعلم ما لابد منه من فقه الصيام، أحكامه وآدابه، والعبادات المرتبطة برمضان من اعتكاف وعمرة وزكاة فِطر، وغيرها، قال رسول ﷺ: ” طلب العلم فريضة على كل مسلم “.
ثالثاً: عقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة، قال تعالى: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد:21]، وقال جلا وعلا: {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً َ} (46) سورة التوبة، وتحري أفضل الأعمال فيه وأعظمها أجراً.
رابعاً: استحضار أن رمضان كما وصفه الله عزَّ وجلَّ أيام معدودات، سرعان ما يولي، فهو موسم فاضل، ولكنه سريع الرحيل، واستحضار أن المشقة الناشئة عن الاجتهاد في العبادة تذهب أيضاً، ويبقى الأجر، وشَرْحُ الصدر، فإن فرط الإنسان ذهبت ساعات لهوه وغفلته، وبقيت تبعاتها وأوزارها.
خامساً: الاجتهاد في حفظ الأذكار والأدعية المطلقة منها والموظفة، خصوصاً الوظائف المتعلقة برمضان، استدعاءً للخشوع وحضور القلب، واغتناماً لأوقات إجابة الدعاء في رمضان، والاستعانة على ذلك بدعاء: “اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحُسن عبادتك”.