
دين الإله سـعـادتي وسـبيـلي
يوليو 3, 2023
وسائل التواصل بين المنافع والمآزق..!
يوليو 3, 2023د. خاطر الشافعي
ونحن على أبواب الإجازة الصيفية لأبنائنا الطلاب، ينبغي علينا الالتفاتُ إلى كيفية استغلالِها، وجعلها إجازةً مثمرةً تصقل الشخصية، وتعطي الفرصة للوقوف مع النفس لتحديد مواضع التقصير فيما مضى، ووضع الأهداف المستقبلية، فمما لاشكَّ فيه أنَّ الأجساد تحتاج للراحة بعد العناء، وأنَّ النفوس تحتاج للاستجمام بعد كلِّ ما تتعرَّض له من ضغوط على مدار العام.
إنَّ من العيوب الخطيرة لضياع الإجازة فيما لا يفيد افتقادَ الكثيرين للتخطيط لها بشكل جيِّد ومفيد، وكيفية إدارة الوقت فيها، فيقع الكثيرون في خطأ الاعتقاد بأنَّ الإجازة تعني النوم والكسل، والحقيقة أنَّ النواتج الحميدة لإجازة صيفية سعيدة هي نتاج الفَهم الصحيح لمفهوم الإجازة الذي يضع المرء أمام آفاقٍ جديدة للتأمُّل والتفكُّر، وإعادة اكتشاف النفس، واستغلال أية فرصة تضيف إلى الشخصية مهاراتٍ جديدة من الممكن استغلالها فيما هو آتٍ بإذن الله.
لقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: “لا تزولُ قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟”[1].
وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: “اغتنِمْ خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحّتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك”[2].
إن أجمل ما في الإجازة هو استغلالها في إحداث التغيير الذي يشحذ الهمم، ويُقوِّي الإرادة، ويُعِيد للنفس هدوءها، بحيث تُقبِل على ممارسة حياتها بطريقة أفضل.
إن أبناءنا في حاجةٍ إلى توجيهنا، فالفراغ بدون رقابة منّا وتخطيط يغوصُ بهم في بحار الفتن، وما أكثرَها هذه الأيامَ! فينبغي علينا:
1- ترسيخ مفهوم الإجازة الهادف والصحيح في عقولهم.
2- توجيههم لِحُسن إدارة الوقت، بربطه بمواعيد الصلاة في المسجد.
3- إقامة مسابقات منزلية لهم، تكسر رتابة الوقت، وتُثري فكرهم، وتوسِّع مداركهم.
إنَّ الإجازة فرصة عظيمة لإدارة حوارٍ مع الأبناء، ومعرفة اتجاهاتِهم الفكرية والسلوكية، وتقويم ما اعوجَّ منها، كما أنها فرصة لتعميق الأواصر بين الأبناء من ناحية، وتوسيع مداركهم من ناحيةٍ أخرى.
إنَّ الإجازة فرصة لتعويضِ التقصير في أشياءَ كثيرة حثَّنا عليها دينُنا، ولنتخيَّل لو أقمنا مسابقة بين أبنائنا – كمثال – في حفظ القرآن والحديث، كم من الآيات والأحاديث سيحفظون مع نهاية الإجازة؟
ولنتخيل لو تذكَّرنا مَن نسيناهم من أقاربنا وزرناهم، كم من الأقارب سنصل رحِمَه مع نهاية الإجازة؟
وغير ذلك كثير.
إنَّ من الأُسَر مَن يسافر بأبنائه في الإجازة، فينبغي أن يراعوا الضوابط الشرعية، ويا حبذا لو كان السفر لقضاء عمرة، ومنح أبنائنا متعة وروعة زيارة الأماكن المقدَّسة.
إنَّ الطرق للاستفادة من الإجازة كثيرة ومتباينة، فينبغي استثمارها فيما يعود بالنفع إثراءً للفكر، وتعزيزًا للقيَم والمبادئ والأخلاق.
_______________
[1] رواه الترمذي.
[2] رواه الحاكم والبيهقي بسندٍ حسن.
(شبكة الألوكة).