أ. د. فؤاد محمد موسى
فرض الله على المؤمنين به فرائض، وجعل هناك تيسيرات ورخص للحالات الخاصة كالمرض تخفيفًا عليهم، وفي نفس الوقت فتح الله الباب لكل مجتهد في عبادته في كل مجالات الحياة.
ففي الحديث القدسي: « إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ »؛ (البخاري).
فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عن ربه – قال: « إذا تقرب العبد إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إليَّ ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة »؛ البخاري.
فعلى كل فرد أن يبحث في نفسه من إمكانات وخصائص وتميزات خصها الله بها؛ ليعبدها ويستخدمها في سباق الحياة لتجميع الحسنات، ولا يضيع حياته ووقته هباءً منثورًا، على أن يؤكد نيته في كل حركاته وسكناته على مرضاة الله محققًا قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].
أيها المسلم، ابحث عن الوسائل التي بمقدورك أن تجمع بها الحسنات فالله يناديك: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].
فمن اجتهد في البحث عن الوسائل المؤدية إلى مرضاة الله، فإن الله يوفقه إليها ويكون في عونه، ويا سعادة من أدرك ذلك وعمل به، انظر قول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
ألا تحب أن تكون من المحسنين، عليك بالمجاهدة والعناية بطاعة الله ورسوله، وحفظ وقتك في جميع الأوقات حتى تلقى ربك، عبِّد كلَّ حياتك فالحياة كلها عبادة، ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].
عبِّد: صحتك، ومالك، ووظيفتك، ومكانتك في المجتمع، وعمرك، وأولادك، وحواسك، وعقلك، ومهاراتك، وكل ما تملِك في هذه الحياة، فأنت مفارقه.
المصدر: شبكة الألوكة (بإيجاز).