أبناؤنا.. بين لُغة الغُربة وغُربة اللُّغة!

خالد عبداللطيف

فرحةٌ ما تمت..!

فرحة تنامت مع مرور الأيام.. والوالدان في غربتهما يتابعان تقدُّم أولادهما في دراستهما (الهمّ الأول الذي يشغلهما!)، لا سيما مع إتقان الأولاد للغة بلد غربتهم، الأمر الذي كان يقلقهما كثيرًا في بداية الغربة حتى رأوا انسجامهم مع ذويهم بعد إتقان اللغة!
فجأة استيقظ الأب من غفلته على كلمات لأحد الدعاة حول ضياع اللغة العربية في بلاد المهجر..! واعوجاج ألسنة الصغار الذين يشبُّون بالخارج على لغةٍ غيرها..!
أيقظ زوجته من غفلتها المشابهة؛ ليجدا أن حصادهما الذي فرِحا به (وربما فخِرا به وتباهيا!) يقابله خسارةٌ فادحة لم يحسبا لها حسابًا..! فرددا جميعًا: فرحة ما تمَّت!

ما زال لدينا وقت..!

تحضرني في سياق التدارك والإنقاذ: قصيدة جميلة لشاعر مبدع تجاوب مع تحرُّر “قيرغيزستان” المسلمة من قبضة الشيوعية السوفيتية (منذ سنوات طوال)، أذكر مما قال أو قريبًا منه:
يا قيرغيزستان.. ما زال لدينا وقت لصلاة وصيام..
ونجاهد كي ترقى النفس بسجدة طهر في اطمئنان!
والشاهد أن بيوتنا ليست بأقل حاجة للتحرر من أسر الغفلة والتسويف.. في الشأن الأسري والتربوي!
فهل من وقفة تدارك -أيها المغتربون الغافلون- عن منهاج التوازن الرشيد بين احتياجات الغربة وضرورات الهوية؟!
نعم، لا أحد يختلف مع ضرورات الاندماج (بقدرها).. ولكن لابد أن تسبقها وتهيمن عليها ضرورة الحفاظ على هويتنا.. ولغتنا العربية الشامخة من أهم خصائص هذه الهوية بلا ريب!
فلا تقنطوا.. ولا تستسلموا.. وما لا يدرك كله لا يترك جله..!
وأعدوا خطط التدارك ببرامج جادة (مع التحفيز والتعزيز) لربط أولادكم بلغتهم الجميلة، وبالقرآن العظيم الذي نزل بلسان عربي مبين!

رسائل ووسائل..!

يحتاج الوالدان لرسائل إيجابية بالفعل والقول؛ لتحفيز العربية على ألسنة أولادهما؛ بالتحبيب والترغيب بالقول تارة، ومخاطبتهم بالعربية الفصحى السهلة من آن لآخر، ومكافأتهم على العناية بها.
كما يحتاجان لوسائل تربوية؛ فإن تيسر معلمٌ نابه، أو إلحاقٌ ببرامج موثوقة، أو كان الوالدان (أو أحدهما) يمكنه القيام بهذا الدور.. إلى غيرها من الوسائل الجادة، بالإضافة إلى ما يتيسر من الوسائل الممتعة والمشوّقة من كتب وقصص وأفلام نافعة هادفة (تناسبهم) باللغة الفُصحى، ونحوها وغيرها من الوسائل المتنوعة المنضبطة.

حروف الختام

بعد الحديث عن أخطار لُغة الغربة على ألسنة أولادنا بالخارج.. كيف بغُربة اللغة في بيوت لم تغتربْ؟!
فكم من أبناء المسلمين في بلاد المسلمين.. لا يعرفون الفرق بين النون والتنوين!!
ولهؤلاء حديث آخر.. ذو شجون!

شارك:

مقالات أخرى

أرسل لنا رسالة